تركزت الامبراطورية الاستعمارية البريطانية في الشرق في قواعد لها بالهند التي اعتبرت درة التاج البريطاني. وفي نهاية القرن التاسع عشر أكدت الادارة البريطانية على أهمية السيطرة على العراق واحتلاله. وذلك لتأمين سلامة مواصلاتها. فقررت حكومة الهند تجهيز حملة عسكرية لتحقيق هذا الهدف وحشدت القوات البريطانية جنوب العراق[1].
ثورة العشرين |
ولقد تزامن ذلك مع نشوب الحرب العالمية الأولى 1914م. والتي وجدتها بريطانيا فرصة سانحة لتحقيق أطماعها في العراق ففي اليوم التالي لدخول الدولة العثمانية الحرب ضد بريطانيا نزلت إلى البر عند الفاو على مصب شط العرب قوة بريطانية قادمة من الهند يرافقها سير برسي كوكس[2]. بصفته كبير الضباط السياسيين ثم أكملت احتلال البصرة .
مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920م.
في 11 مارس 1917م نجح الجنرال سستانلي مود. في احتلال بغداد وأصدر بياناً إلى الشعب العراقي لامتصاص غضب الجماهير. وفي نوفمبر 1918م تم احتلال الموصل. وبهذا أكملت بريطانيا احتلال معظم أنحاء البلاد من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب. وبعد تمكن بريطانيا من السيطرة على العراق بأكمله. عقدت مع الحلفاء مؤتمراً في سان ريمو في أبريل 1920م.
إن بعض الشعوب التي كانت تعود سابقاً إلى الامبراطورية العثمانية وصلت إلى درجة من التطور بحيث يمكن أن يعترف بوجودها كأمم مستقلة بشرط أن توجه حكمها نصائح ومساعدة الدول المتقدمة إلى الوقت الذي تصبح فيه أهلاً لأن تقود نفسها ويجب أن تؤخذ رغبات هذه الشعوب بنظر الاعتبار قبل أي شيء آخر عند اختيار الدولة المنتدبة
حينئذ ازدادت المقاومة المسلحة قوة وشدة عندما شملت إلى جانب العشائر. المدن. وخاصة المدن المقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية وسامراء. حيث جرى إعلان الجهاد ضد المحتلين والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. وجلاء القوات البريطانية. ومنح العراق الاستقلال التام لإقرار مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وقد دفعت الفتاوى الدينية التي أقرت بموجب الشريعة الاسلامية الكفاح المسلح ضد الجيوش الأجنبية المحتلة لأراضي الوطن إلى انضمام العديد من الوطنيين في جميع أنحاء العراق إلى صفوف المقاومة.
وليكون هذا الكفاح المسلح محكماً وفاعلاً أنشئ " مكتب الثورة " بمساهمة من رجال الدين. وشيوخ عشائر الفرات الأوسط. إضافة لرموز الحركة الوطنية العراقية. وقد ساهمت في تصعيد النضال ضد قوات الاحتلال.
فاضطر الانكليز إلى جلب إمدادات كبيرة من الهند لتعزيز قواتهم في العراق بحيث تستطيع إخماد الثورة. فتمكنت بريطانية بعد أن حشدت قواتها من القضاء على الثورة[4]. ولقد كبدت الثورة الانكليز والبلاد خسائر جسيمة في المال والارواح.
تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة وقيام الحكم الملكي 1921م.
لقد كانت ثورة العشرين نقطة تحول كبيرة في مسيرة العراقيين. رغم عدم تكافؤ الطرفين. ومن النتائج الهامة التي تمخضت عنها الثورة هي تنظيم العلاقات العراقية البريطانية[5].
حيث عرفت بريطانيا أن سياسة الحكم المباشر لم تجد نفعاً بعد تعرضها لخسائر مادية وبشرية جسيمة. فأسندت الحكومة البريطانية للسير برسي كوكس مهمة إنشاء حكومة وطنية مؤقتة في العراق تضم وزراء عراقيين بإشراف بريطانيا لإنهاء الإدارة العسكرية البريطانية على العراق.
وجعل أولى اهتمامات الوزارة الجديدة تهدئة البلاد من خلال سن قانون للانتخابات. وإعلان العفو العام. وإعادة الضباط العراقيين الموجودين في سورية. وتشكيل جيش عراقي لاستيعابهم من أجل انهاء معارضتهم للوجود البريطاني.
قام برسي كوكس بجمع مجلسه الاستشاري. وأبدى للمجلس رأيه في تشكيل حكومة تكون صلة الوصل بينه وبين الشعب. وأنه قرر تكليف عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد.بتشكيل هذه الحكومة لما له من منزلة اجتماعية مرموقة لدى الناس ومركز ديني. فوافق الكيلاني على تشكيل الحكومة. وألفها بمعرفة برسي كوكس التامة يوم 25 اكتوبر 1920م[6].
تأليف الحكومة العراقية المؤقتة.
تألفت الحكومة الجديدة المؤقتة من ثمانية وزراء أصليين مع عشرة وزراء دولة ومستشاريين بريطانيين للوزراء العرب الأصليين. ثم ظهرت الحاجة إلى حاكم عربي يترأس الدولة العراقية. ويعمل على تنظيم العلاقات العراقية البريطانية الجديدة. ورددت المحافل أسماء عدد من المرشحين لرئاسة الدولة.
عوامل اختيار فيصل لرئاسة العراق.
إن الدعاية للمرشحين كانت لصالح أنجال الشريف حسين ملك الحجاز بتأثير بعض السياسيين الانجليز. وبتأثير أفراد الجيش العربي الشريفي الذين عادوا للعراق. بالإضافة لتأثير الأوساط الشعبية في البلاد. ومالت الدعاية لفيصل الأول.
وقد جاء هذا الترشيح منسجماً مع مطالب النخبة السياسية العراقية في استفتاء 1918-1919م بأن يكون أحد أنجال الشريف حسين حاكماً على العراق.[7]
المراجع.
- [1] جهيدة العابدي، (2019): التطورات السياسية في العراق (1920-1958م). مذكرة ماستر في ميدان العلوم الانسانية والاجتماعية. فرع تاريخ. تخصص تاريخ الوطن العربي المعاصر. جامعة محمد خيضر بسكرة. ص 8.
- [2] صبري فالح الحمدي، (2016): برسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أمراء نجد. الكويت. الحجاز. حائل (1915-1923). الدار العربية للعلوم ناشرون. بيروت. لبنان. ص16.
- [3] سفانة هزاع اسماعيل حمودي الطائي، (2002): الموصل في سنوات الانتداب البريطاني 1920-1932. رسالة ماجستير في التاريخ الحديث. كلية الآداب. جامعة الموصل. ص17.
- [4] اسماعيل أحمد ياغي، محمود شاكر، (1995): تاريخ العالم الاسلامي الحديث والمعاصر 1980 الجناح الآسيوي. دار المريخ للنشر. ج1. الرياض. المملكة العربية السعودية. ص 187.
- [5] بشار فتحي جاسم العكيدي،( 2011): صراع النفوذ البريطاني – الأمريكي في العراق 1939-1958 دراسة تاريخية سياسية. دار غيداء للنشر والتوزيع . عمان. ص 48.
- [6] محمود شاكر، (1992): التاريخ الاسلامي التاريخ المعاصر بلاد العراق 1924-1991. المكتب الاسلامي. بيروت. ص45-46.
- [7] عيسى ليتيم (بدون عام): مشروع بناء الدولة-الأمة في العراق خلال العهد الملكي الأول (1921-1933م). الجلسة الافتتاحية. كلية العلوم السياسية والاجتماعية. جامعة باتنة-1-. الجزائر. ص6.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق