تستخدم الحرب النفسية مختلف الطرق والأساليب الفعالة والقوية المناسبة لموضوع الحرب النفسية وأهدافها. والتي تتناسب مع طبيعة الجمهور وعاداته. وهذه الطرق والأساليب تختلف من عصر لآخر. وتبعاً للتقدم في العلوم الإنسانية وخاصة علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاتصال والاعلام.
فهرس المحتويات.
وسائل الحرب النفسية وأساليبها. |
أساليب الحرب النفسية.
تضم أبرز وسائل الحرب النفسية ما يلي.
الدعاية.
وهي عملية الإثارة النفسية. ويقصد بها تلاعب معين في المنطق بهدف خلق استجابة معينة ما كان يمكن أن تحدث هذه الاستجابة لو لم تحدث تلك الإثارة العاطفية. وتعد الدعاية من الأساليب الإعلامية التي تدار بها منظومة العالم في تحديد شكل العلاقات الدولية وفق سياسة السيطرة والإرهاب التي تنتهجها دول العالم. وقد ساهم التطور الرقمي التكنولوجي في ازدياد وتضخيم تأثير الدعاية في المتابعين من الجماهير.
فأصبحت بعض الدول تبث أفكارها بقصد التأثير والسيطرة على مختلف الاتجاهات. مستثمرة بذلك النظريات الحديثة في بعض العلوم كعلم النفس والاجتماع والإعلام. مما يمكن من تعميق التأثير على المتابعين(1).تطورت الدعاية في القرن السادس عشر وخاصة عند التوسع في استخدام الطباعة وظهور الكاريكاتير في القرن السابع عشر.
وتنوعت الدعاية واتخذت أشكالها المعروفة منذ القرن التاسع عشر وهي:
- الدعاية السياسية النابليونية.
- الدعاية الأهلية الأمريكية والتي أظهرت من خلالها أهمية وخطر الجهاز الدعائي.
- الدعاية الاقتصادية أو الدعاية التجارية والتسويقية.
إلا أن أهمية الدعاية تتضح من قول أحد القادة الألمان منذ الحرب العالمية الأولى: "أليس من الأفضل أن نوجد وسيلة تسبب الاضطرابات للأصابع التي تحمل المدفع وتضغط على الزناد من أن تستهلك الكثير من القنابل لندمر بها مدفعاً واحداً في يدي جندي معادٍ".
ويمكن القول أن الدعاية ظهرت نتيجة متطلبات وضرورات في الحياة لأنها اللسان المعبر عن حقيقة المدعو لنشره بأسلوب وصيغة لطيفة بحيث تنسجم مع أذواق وأفكارالناس. وتخدم مصالحهم المدعو إليها في جميع مجالات الحياة(2).
عناصر الدعاية الناجحة.
كي تكون الدعاية ناجحة لا بد أن تكون:(3)
- صادقة من غير مبالغة فالمبالغة تجد طريقاً معبداً إلى إقناع القارئ وتفقد فاعليتها.
- تسعى إلى زيادة معلومات القارئ.
- تتفق والذوق العام.
- تتصف بالصدق وتتحاشى تشويه الحقائق والخداع.
الشائعة.
كانت الشائعات وسيلة لنشر الأنباء والأخبار وبناء السمعة أو تقويضها. وتأجيج الفتن أو الحروب وتكمن أهمية الشائعة كأسلوب من أساليب الحرب النفسية في كونها:
- تدخل في جميع الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستويين المحلي والعالمي.
- تنتشر بسرعة ولا سيما في أوقات الأزمات بمختلف أنواعها سواءً كانت أزمات على الصعيد السياسي أم الاقتصادي أم الاجتماعي.
- للشائعة دور كبير في التأثير في حياة الناس. وهي أحد عوامل تشكيل وتوجيه الرأي العام(4).
اقرأ أيضاً الحرب النفسية وانتشار الشائعات.
علاقة الشائعة بالحرب النفسية.
تعد الشائعة أبرز أساليب الحرب النفسية وهي سلاح ذو حدين يستخدم في أوقات السلم والحرب. وهي أداة مهمة لافتعال الأزمات في الحروب من جهة. كما توظف لإثارة الفتنة والبلبلة والصراعات وعدم الاستقرار وخلق حالة من الذعر والرعب في أوقات السلم من جهة أخرى. وقد مارستها الدول الاستعمارية إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1965 بشكل كبير كشائعة بيع مصر رصيدها من الذهب كتعبير عن سوء وضعها الاقتصادي(5).
وتهدف الحرب النفسية إلى جعل العدو يكف عن المقاومة ويستسلم إيماناً منه أنه مهزوم معتمدةً على الهزيمة الداخلية للإنسان وتستخدم في ذلك وسائل الإعلام المعروفة وبث المناشير من الطائرات وتترافق الحرب النفسية مع الحرب العسكرية وقبلها وبعدها.
ولجأ الكيان الصهيوني للحرب النفسية كجزء من حربه على لبنان في تموز 2006. حيث بث شائعات عن القدرة التدميرية لغواصاته ودباباته ليثير الرعب في نفوس الناس ويحطم الروح المعنوية للمقاتلين ودفعهم للاستسلام. إلا أن الوقائع أسهمت في دحض هذه الشائعات عندما دمرت الغواصة القريبة من الشاطئ وتراجعت بقية الغواصات.
ويعني ذلك أن الحرب النفسية أشمل من الشائعة بكثير لأنها تخطيط شامل موجه للخارج. أما الشائعة فهي أداة تستخدمها الحرب النفسية لتأدية وظيفة مهمة فيها. فهي أحد أسلحة الحرب النفسية(6).
افتعال الأزمات.
يكون ذلك عن طريق اصطناع الأخبار الزائفة أو التحريض على القيام بأعمال التخريب. إن افتعال الأزمات بأشكالها المتعددة قد يأخذ شكل أزمة اقتصادية. وهناك الكثير من الأزمات التي تتعرض لها دول العالم سواءً كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية وغيرها.
إثارة الرعب والفوضى.
برعت المخابرات الألمانية أيام هتلر داخلياً وخارجياً في استغلال حاجة الإنسان إلى الأمان. فعمدت إلى إثارة المخاوف لإرهاب المعارضين في الداخل وكذلك شعوب الدول المستهدفة لإخضاعها وجعلها في حالة انهيار نفسي شامل. وأساليبها في ذلك الهمس والأساطير والأخبار المتعلقة بالثمن الباهظ الذي قد يدفعه من يعارض مخططاتهم أو يقاوم.
وقد مارست معظم أجهزة الدعاية والاستخبارات الغربية وغير الغربية هذا الأسلوب توصلاً للهيمنة على مقدرات الشعوب. وجعلها في حالة عجز واستسلام كاملين يحولان دون أية مقاومة من قبل تلك الشعوب.
بالإضافة إلى الصهيونية التي تميزت في مجال إثارة أجواء الرعب والفزع لدى الفلسطينيين ولدى العالم العربي بشكل عام. بهدف إكراههم على الخضوع لرغبتهم وتحطيم كل إرادة لديهم مثل مذبحة دير ياسين في 9/4/1948 ذهب ضحيتها عشرات الضحايا(7).
غسيل الدماغ.
وهي عملية تستهدف تغيير قناعات الفرد أو الجماعة بالاستناد لمنهج وأساليب علمية معقدة تؤدي في النهاية إلى إعادة تكوين الأفكار والقناعات والمزاج النفسي لهؤلاء الأفراد بما يخدم مصلحة الجهة التي تقوم بهذا العمل. وهي تستعمل الوسائل البيولوجية المترافقة مع أساليب الضغط النفسي (الإجهاد. الصدمات. التحايل. تغيير معالم البيئة الزمانية والمكانية. الظروف المرافقة. خلق مناخ ضبابي من الأوهام والشكوك) توصلاً إلى إعادة الصياغة العقلية والنفسية للأشخاص المستهدفين.
وتُدعى عملية غسيل الدماغ باسم التفكيك النفسي. وهدفه تدمير القوى النفسية والجسدية لدى الفرد الذي يعتبر أساس عملية غسل الدماغ. ولهذه العملية آلية عمل تتمثل في:
- تتم من خلال عزل الشخص بصورة انفرادية. في مكان مظلم بحيث يُعزل عن العالم الخارجي. حيث يقبع خلف باب ثخين مصنوع من الحديد؛ صوته يصم الآذان عندما يفتح أو يغلق.
- يُمنع الشخص من تناول أنواع الطعام: وهو المصدر الأساسيّ الذي يمده بالصمود والثبات. في الوقت الذي تلاحقه الأوهام والأفكار والتخيلات؛ لتفترس عقله وإرادته وقلبه. فيعيش متقلباً بين نيران الماضي والحاضر والمستقبل.
بعدها يصبح الفرد جاهزًا لعملية غسيل الدماغ: لينتقل إلى مرحلة المتلقي السلبي؛ فيتقمص معتقدات وأفكار من يتولى عملية غسل الدماغ. وعندها يصبح عاجز غير قادرٍ على اتخاذ القرار(8).
أساليب أخرى.
- القتال الفعلي: وهو أسلوب وطريقة حسم مادي في الحرب النفسية من أجل تحقيق غاية معينة.
- الحرب الاقتصادية: وهي مضاعفة وزيادة الإنتاج الوطني بهدف توفير متطلبات واحتياجات الشعب وقواته المسلحة. تأكيداً لفعالية صموده حتى تحقيق النصر. كما أنها تعني متابعة اخبار العدو في الخارج ومحاصرته في المجال الاقتصادي ومحاولة تخريب عملياته الاقتصادية.
- الحرب السياسية: القيام بتكثيف النشاط ضد العدو في الخارج؛ بهدف حرمانه من تضامن الرأي العام مع قضيته(9).
المراجع.
(2) نضال الضلاعين، علي الضلاعين، ماهر الشمايلة، محمود اللحام، مصطفى كافي. (د.ت). الدعاية والحرب النفسية. دار الإعصار العلمي. عمان. الأردن. ص15.
(3) تغريد مسلم. (2004). التسويق السياحي فن الاتصال والتفاوض. دار النمير للطباعة والنشر والتوزيع. دمشق. ص85.
(4) بطرس الحلاق. مرجع سابق. ص110.
(5) مختار التهامي. (1974). الرأي العام والحرب النفسية. ط3. دار المعارف. القاهرة. ص103.
(6) بطرس الحلاق. مرجع سابق. ص122 و123.
(7) عمر جياد علي. مرجع سابق. ص18 و19.
(8) الحرب النفسية وغسيل الدماغ. (2020). أتيح بتاريخ 23/1/2022 على الرابط: https://sotor.com
(9) سجا قوقاز. (2020). ما هي الحرب النفسية؟. أتيح بتاريخ 23/1/2022على الرابط: https://e3arabi.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق