Translate

البحث عن الكتب

الأحد، 10 ديسمبر 2023

النمو الاقتصادي- دفع اقتصاد الدول النامية باتجاه تسريع معدلات النمو



تعاني الدول الفقيرة ومنها الدول النامية من مشكلة ضعف مزمن للاستثمار، الذي يؤدي إلى ضعف القدرة الإنتاجية، حيث إن هذه الدول تقوم بتوجيه مواردها لتأمين السلع الأساسية كإنتاج الغذاء، ولن يكون بمقدورها السعي إلى إنتاج الآلات أو بناء المصانع، ولن تتمكن من الاستثمار.


فيتهالك رأس المال مع مرور الزمن وتضعف القدرة الإنتاجية، وينخفض الدخل، وكذلك مستوى المعيشة وتزيد البطالة، وترتفع شريحة الفقراء أكثر وهذا من العوامل الرئيسية المساهمة في ضعف النمو الاقتصادي في هذه الدول.

وقد أُطلق اسم الدول النامية أو الفقيرة أو المتأخرة على دول العالم الثالث، بسبب ضعف نموها الاقتصادي عن بقية الدول المتطورة.



النمو الاقتصادي- دفع اقتصاد الدول النامية باتجاه تسريع معدلات النمو


مفهوم النمو الاقتصادي.

النمو الاقتصادي هو حدوث ارتفاع مستمر في الناتج المحلي الإجمالي او القومي بحيث يحقق ارتفاع في متوسط حصة الفرد من الدخل الوطني الحقيقي.

ويتعلق هذا النمو بارتفاع متواصل ودائم للإنتاج والمداخيل، بحيث يتم في الغالب اعتماد ارتفاع الناتج الداخلي الخام لتكون بمثابة أداة لقياس النمو الاقتصادي، ويشترط أن يكون معدل النمو الإقتصادي أكبر من معدل النمو السكاني (كروش، 2016، ص615).

بمعنى آخر النمو الاقتصادي هو التوسع في الإنتاج خلال فترة زمنية محددة عن فترة سابقة لها في الجلين القريب والبعيد، أي توسع الدولة في قدراتها من خلال إنتاج الخدمات والمنتجات التي يحتاجها المجتمع (مسعودي وعزي، 2019، ص118).

اقرأ أيضاً النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة – حالة الاقتصاد الياباني خلال الفترة 2006-2016.

أسباب ضعف النمو الاقتصادي في دول العالم الثالث:

يرتبط النمو الاقتصادي بحجم الإنتاج ونوعية الموارد المستخدمة في الإنتاج، مثل استثمار رأس المال، التقدم الرقمي والتكنولوجي، العمل، بالإضافة لعوامل أخرى مثل:

1- ندرة رأس المال.

إن رأس المال يكون بصورة سيولة أو طرق وجسور وشبكات كهرباء وماء، أو معدات وآلات يتم استخدامها في العمليات الإنتاجية، وبندرتها سيتم توجه الدول النامية لاستخدام طرق بدائية وبديلة وبالتالي الدخول في حلقة مفرغة للمديونية (مزاني، 2019، ص322).

2- انخفاض المستوى المعيشي للفرد.

إن تردي مستويات الدخل والإنتاج وبالتالي تأخر الصحة والتعليم والتدريب، حيث يعاني بعض الدول من نقص في التعليم والتدريب، وقلة الكفاءات اللازمة للتطوير الاقتصادي. مما يدفع لانقسام الدول إلى عالمين غير متكافئين، دول متطورة تمثل خمس سكان العالم وتعيش فوق مستوى خط الفقر.

وتسبب هذه الفجوة انخفاضاً في متوسط دخل الفرد، الذي يعتبر مؤشراً اقتصادياً مهماً لقياس مستوى رفاهية الشعوب، حيث إن الانخفاض في مستوى دخل الفرد يؤدي لانخفاض في الإنتاجية الاقتصادية، التي تسبب في انخفاض معدل النمو الاقتصادي (البشير وسراج، 2013، ص9).

3- قلة التكنولوجيا.

تعاني بعض الدول من قلة التكنولوجيا، وبالتالي قلة الإنتاجية والتنافسية في الأسواق العالمية. حيث إن دالة الإنتاج تتغير في الواقع العملي نتيجة لتأثرها بالعامل التكنولوجي.

فيمكن زيادة الكمية الإنتاجية بتوافر نفس المعدل لعنصري الإنتاج العمل ورأس المال مع إضافة العامل التكنولوجي، فالتطور التكنولوجي يتولد عن طريق الاكتشافات العلمية والبحث العلمي المستمر (عطية، 2003، ص13).

4- الديون الخارجية.

تعاني معظم الدول النامية من تراكم الديون الخارجية، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط الاقتصادية وتقليل الإنفاق على التطوير والبنية التحتية. فقد كان للاقتراض الخارجي إرث تاريخي يرتبط بالاستعمار الذي كان يسعى لإبقاء الدول النامية فقيرة وتحت السيطرة من خلال إغراقها بالديون.

وتم حرمان تلك البلدان من التعليم والصحة والعيش الرغيد، وهي أبسط حقوقها، بسبب اعتماد تلك الدول على الديون الخارجية لتمويل العجز في الموازنة العامة، كل ذلك كان له الدور الكبير في انخفاض النمو الاقتصادى لتك البلدان بسبب فرض استخدام جزء من الناتج لسداد الديون مما يعيق استثمار المال (المتولي وآخرون، 2021، ص8). 

وبالتالي كانت الديون الخارجية من أهم المشكلات الاقتصادية التي تعترض نمو اقتصاد الدول الفقيرة والنامية، حيث تؤثر بصورة كبيرة على الأداء الاقتصادي لتلك الدول، وتستنزف مواردها، وتزيد من أعباءها وتراكم ديونها، وبالتالي تقف في وجه النمو الاقتصادي (عباس، 2022، ص7).

اقرأ أيضاً ماهو تأثير وباء  COVID 19 على النشاط الاقتصادي وتوقع الركود في الدول. 

كيف يمكن دفع اقتصاد هذه الدول باتجاه تسريع معدلات النمو.

هناك عدة عوامل تساهم في دفع اقتصاد هذه الدول باتجاه تسريع معدلات النمو منها:

1- كمية ونوعية الموارد البشرية.

فيتم قياس النمو الاقتصادي بواسطة قياس معدل دخل الفرد، الذي يتناسب عكساً مع الزيادة السكانية عند ثبات الناتج الإجمالي الوطني، فكلما كان الناتج الإجمالي أكبر من الزيادة السكانية، سيزداد معدل دخل الفرد.

وبالتالي زيادة في النمو الاقتصادي، كما أن الزيادة السكانية تزيد من إنتاجية العمل بسبب زيادة ساعات العمل الأسبوعية، وبوجود التنظيم والإدارة الجيدة، مع ارتفاع في نسبة التعليم والصحة كل ذلك يسهم في تسريع معدلات النمو الاقتصادي (عريقات، 2006، ص270).

2- كمية ونوعية الموارد الطبيعية.

يعتمد النمو الاقتصادي على تلك الموارد الطبيعية المتوافرة فيه بشرط استغلالها لتحقيق الأهداف والغايات الاقتصادية للمجتمع، من خلال تحويل أي مورد من حالته الطبيعية إلى الحالة الاقتصادية ليتم استثمارها بالشكل الأمثل (العاقل وسعداوي، 2019، ص31).

3- العمل.

وهو من أهم العوامل المؤثرة على تسريع النمو الاقتصادي، من خلال زيادة عدد السكان أي زيادة عرض العمل، علماً أن النمو السكاني سيؤثر على حصة الفرد من الدخل المحلي الإجمالي.

كل ذلك يمثل مصدراً حقيقياً لزيادة النمو الاقتصادي، وبالتالي يتوجب على المنظمات والهيئات تدريب الأفراد وتنمية مهاراتهم الفنية لما لها من دور في زيادة الإنتاج وبالتالي تسريع عملية النمو الاقتصادي (عبد الحميد، 2002، ص273).

4- رأس المال.

وهي كل مؤشر يشرح درجة ومستوى التجهيزات التقنية بشروط محددة للظاهرة المشروحة، حيث يساعد على تحقيق التقدم التقني وتوسيع الإنتاج بواسطة مختلف الاستثمارات. (مسعودي وعزي، 2019، ص119).

5- التقدم التكنولوجي.

وهي التغيرات التقنية التي تطرأ تبعاً لطبيعة الإنتاج، بحيث تسمح هذه التغيرات الرقمية بإنتاج كميات أكبر مع ثبات كمية المدخلات، وحل مشاكل الاختناقات التي تعيق العملية الإنتاجية، إنتاج سلع بمواصفات أفضل، فالتقدم التكنولوجي يفرض تقدير مناسب في معاملات الإنتاج ليسهم في تحسين عملية التطوير للأداء الاقتصادي (مسعودي وعزي، 2019، ص120).

من خلال هذا العامل يتم تطوير وسائل إنتاج جديدة، تساهم في تحسين أداء الآلات والمعدات وتطوير نظم الإدارة، وبالتالي كلما زاد التطور التقني زاد معدل النمو الاقتصادي، وتتمثل التكنولوجيا في عناصر متعددة منها العلامات التجارية، براءات الاختراع، المعرفة التكنولوجية المتجسدة في المعدات والآلات (خلف، 2008، ص 468).


هل يمكن أن يكون هناك جوانب سلبية للنمو الاقتصادي في حال تحقيقه؟ ما هي مشاكل النمو الاقتصادي؟

إن مشاكل النمو الاقتصادي تتمثل في الجوانب السلبية للنمو الاقتصادي في حال تحقيقه، ومن هذه الجوانب:

1- ارتفاع معدلات البطالة.

حيث يمكن أن يؤدي النمو الاقتصادي إلى ارتفاع معدلات البطالة في بعض القطاعات، خاصة إذا كان هذا النمو غير مستدام ويعتمد على قطاعات غير مستقرة، كالبطالة المستوردة والتي صاحبت الانفتاح الاقتصادي.

وكان لهذا الانفتاح دوراً سلبياً على اقتصادات الدول بتعميق المشكلات الاقتصادية كما حصل في الاقتصاد العراقي، بسبب أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية (جودة وعيسى، 2010، ص82).

2- التضحية ببعض السلع الاستهلاكية.

حيث إن زيادة معدلات النمو الاقتصادي تؤدي إلى زيادة الحاجة لإنتاج السلع الرأسمالية، بالإضافة لتوجيه الموارد وتشجيعها للاستثمار في تلك السلع، مما يدفع للتضحية ببعض السلع والمنتجات الاستهلاكية في الوقت الحاضر (عبد المجيد، 2006، ص472).

3- التلوث البيئي.

إن بناء المنشآت الصناعية في مناطق قريبة من المدن والتجمعات السكانية، بالإضافة للقضاء على الثروات الطبيعية، وازدحام المدن، جميعها مسببات للتلوث البيئي في الماء والهواء والتربة (عزازي، 2014، ص152). 

وقد يؤدي النمو الاقتصادي إلى زيادة التلوث وتدهور البيئة، مما يؤثر على صحة الإنسان والحياة البرية والبحرية، حيث يعتبر تلوث الهواء بالمواد الكيماوية من أخطر أنواع التلوث البيئي.

وذلك بسبب إقامة المصانع الكيمياوية بالقرب من المدن السكنية، مما يسبب انتشار الغازات الضارة، وبالتالي أضراراً كالتسمم وسرطان الجلد، بالإضافة للأمراض التنفسية والالتهابات الرئوية، التي تعتبر من أكثر الأمراض انتشاراً في المناطق الحضرية (الصفدي والظاهر، 2003، ص 133).

4- التفاوت الاجتماعي.

قد يؤدي النمو الاقتصادي إلى زيادة التفاوت الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، مما يؤدي إلى عدم المساواة في فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية. حيث إن انخفاض دخل الفرد في الدول الفقيرة يظهر في افتقارهم للتغذية والتعليم والصحة، مما يؤثر على الإنتاجية.

وبالتالي تباطؤ التنمية الاقتصادية في تلك البلدان، وقد لعب التفاوت في توزيع الدخل في الدول العربية دوره في عدم استقرار النمو، ومن ثم إشعال فتيل الثورات بسبب موجات الغضب الشعبي (البشير وسراج، 2013، ص20).

5- زيادة الديون الخارجية.

حيث يمكن أن يؤدي النمو الاقتصادي إلى زيادة التبعية للديون الخارجية، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط الاقتصادية، فالأموال التي تقدمها الدول أو المنظمات الدولية للدول النامية. 

من جهة تساهم في تطورها الاقتصادي، ولكن من جهة أخرى تضع الدول النامية في تبعية الدول الغنية، وتمنعها من حقيق تطوير لبنيتها التحتية، وتجعل همها زيادة الإنتاج لدفع الديون الخارجية (المتولي وآخرون، 2021، ص8).


في الختام👈 يرتبط النمو الاقتصادي بالعديد من الخصائص التي تتسم بها الدول النامية، كالفقر وسوء توزيع الدخل، ويجب على الحكومات السياسية والاجتماعية أن تهتم بقضية تسريع النمو الاقتصادي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للوصول للاستقلال الاقتصادي والسياسي والقضاء على التبعية.

ويمكننا القول إن مشكلة التنمية الاقتصادية في الدول النامية عموماً وفي الدول العربية خصوصاً تكمن في غياب إرادة حقيقية للتنمية، والتبعية المفرطة للدول المتقدمة، ومحاولة نقل تجارب تنموية لدى الدول المتقدمة، أي تحقيق النمو على الطريقة الغربية.


المراجع.

  1. البشير، عبد الكريم وسراج، وهيبة. (2013). تحليل العلاقة بين توزيع الدخل – النمو الاقتصادي والفقر في الدول العربية. العدد 10. الجزائر: مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا.
  2. العاقل، فتيحة وسعداوي، خاليدة. (2019). أثر الإنفاق العام على الناتج المحلي الإجمالي في الجزائر – دراسة قياسية خلال الفترة 1994 – 2017. رسالة ماجستير في العلوم الاقتصادية. كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير. جامعة يحي فارس بالمدية. الجزائر.
  3. المتولي، أحمد عزت محمود ومحمد، دارين عبد السلام وجابر، محمد عبد الله مصطفي وحسن، نورهان حسن محمد وشوقي، نيلي علي أحمد. (2021). المديونية الخارجية وأثرها على النمو الاقتصادي. المركز الديمقراطي العربي.
  4. بخاري، عبلة عبد الحميد. (سنة النشر غير معروفة). التنمية والتخطيط الاقتصادي – خصائص الدول الأقل نمواً. ملف pdf . تم الاسترجاع بتاريخ (1 تشرين أول 2023) من الرابط https://www.kau.edu.sa/Files/0002132/Subjects/ED2.pdf
  5. جودة، ندوة هلال وعيسى، رجاء عبد الله. (2010). العلاقة بين النمو الاقتصادي والبطالة في العراق. المجلد 12. العدد 3. البصرة. العراق: مجلة القادسية للعلوم الإدارية والاقتصادية.
  6. خلف، فليح حسن. (2008). الاقتصاد الكلي. ط1. عمان. الأردن: عالم الكتاب الحديث للنشر والتوزيع.
  7. عباس، جيهان عبد السلام. (2022). الديون الخارجية وتأثيرها على النمو الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء – دراسة قياسية منذ عام 2006. العدد16. مجلة كلية السياسة والاقتصاد.
  8. عبد المجيد، عبد المطلب. (2006). النظرية الاقتصادية تحليل جزئي وكلي. الإسكندرية. مصر: الدار الجامعية للنشر.
  9. عريقات، حربي محمد موسى. (2006). مبادئ الاقتصاد – التحليل الكلي. ط1. عمان. الأردن: دار وائل للنشر.
  10. عزازي، فريدة. (2014). أثر التقييم الاقتصادي للتلوث البيئي على التنمية المستدامة. المجلد 5. العدد2. جامعة البليدة. الجزائر: مجلة الاقتصاد والتنمية البشرية.
  11. عبد الحميد، عبد المطلب. (2002). السياسات الاقتصادية على المستوى القومي (تحليل كلي). القاهرة: مجموعة النيل العربية.
  12. عطية، عبد القادر. (2003). اتجاهات حديثة في التنمية. ط2. الإسكندرية. مصر: الدار الجامعية للنشر والتوزيع.
  13. كروش، صلاح الدين. (2016). البحث عن مثلوية متغيرات الاقتصاد الكلي حسب المربع السحري لكالدور. أطروحة دكتوراه في العلوم الاقتصادية. الجزائر: جامعة حسيبة بوعلي بالشلف.
  14. مزاني، راضية ياسينة. (2019). معضلة التنمية في الدول العربية – الأسباب والحلول. المجلد 8. العدد 4. الجزائر: مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية.
  15. مسعودي، زكريا وعزي، خليفة. (2019). محددات النمو الاقتصادي في الجزائر باستخدام نموذجي FMOLS وECM – دراسة قياسية للفترة (1980 -2017). المجلد 4. العدد 7. الجزائر: مجلة التنمية والاستشراف للبحوث والدراسات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *