سنناقش في هذا المقال العلاقة بين كل من العائلة والمجتمع. وبين الفلسفة السياسية تبعاً لوجهة نظر عدد من الفلاسفة منهم أرسطو وأفلاطون والقديس توما الأكويني.
أولاً موقف أرسطو من العلاقة بين العائلة والمجتمع، وبين الفلسفة السياسية:
ما هي فكرة أرسطو عن الدولة؟
يرى أرسطو أن الإنسان شخص خيِر. والخيرات تظهر خارجية في الجسد، وداخلية في الروح. أي أن جانب للخير يتولد بالفطرة التي ولدت معه.
وجانب آخر للخير يتولد من خلال قدراته في حال توافرت له التربية الصحيحة. كما يقر أرسطو أن الإنسان ميّال للعيش ضمن الجماعة. والدولة هي المجتمع الأمثل الذي يستوعب كل الجماعات. (قرني، 2001، ص25-26).
ولذلك اشترط أرسطو لزوم الطاعة للدولة باعتبارها تكفل الحياة الفاضلة لأبنائها. فالمجتمع مكون من مجموعات من الأفراد الذين يتفاعلون مع بعضهم. ولابد من تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد وحقوق المجتمع للحفاظ على سلامة الدولة. وتحقيق النمو والازدهار فيها بما يعود عليهم بالمنفعة (الخشاب، 1984، ص54).
رأي شخصي من موقف أرسطو.
أتفق في الرأي مع ارسطو في أن المجتمع هو ركناً اساسياً في الحياة الإنسانية. وأن العائله هي الوحدة الرئيسية في هذا المجتمع. وأنه يجب أن تكون سعادة الأفراد والعائلات هي الهدف الذي يسعى المجتمع لتحقيقه لأبنائه وتعليمهم. كيفية أن يكونوا فضلاء.
ماذا قال أرسطو عن السياسة؟
وفيما يخص الفلسفة السياسية يرى أرسطو أن المجتمع بحاجة لنظام سياسي قوي بهدف تحقيق السعادة لأفراده. وهذا الهدف يمكن تحقيقه بالحكم العادل الذي يكون غايته مصلحة المجتمع.
فالعدالة ضرورة اجتماعية لأن القانون هو قاعدة الاجتماع السياسي (عباسي وبوهالي، 2017، ص21).
كما يرى أرسطو أن الفلاسفه يمكن أن تساهم في صياغة نظريات فلسفية تعمل على تحسين الحكم وتطويره. وكان يرى أنه أحد هؤلاء الفلاسفة التي يمكنها المساعدة في تحقيق تلك الغايات والأهداف.
اعتمد ارسطو نفس المنهج الذي يتم اعتماده في البحوث الاجتماعية. عن طريق جمع المعلومات وتحليلها واستخراج قاعدة عامة منها.
فقد عمد أرسطو على دراسة عدد من دساتير المدن السياسية لمعرفة الأسس التي يقوم عليها دستور كل مدينة. وما نتيجة تطبيق كل دستور. ليستفيد من التجربة العملية. قبل ان يوضح رأيه في الدستور الذي ينبغي أن يطبق في مدينته.
ويقارب أرسطو الواقع السياسي ويميل للمعالجة العملية للممارسات السياسية (عبد الحي، 2001، ص227).
ثانياً - موقف أفلاطون من العلاقة بين العائلة والمجتمع، وبين الفلسفة السياسية.
ملخص فلسفة أفلاطون في المجتمع والسياسة.
من أهم ما جاء في فلسفة أفلاطون: (محمود، 2015، ص25).
- أكد افلاطون أن هدف الإنسان ه. وبنى علاقتهما ببعض، حيث يتموضع الخير في أعلى مرتبة.
- ربط أفلاطون الفلسفة بالإنسان وشؤون المجتمع. مع الالتزام بقانون أخلاقي يعمل على تماسك المجتمع ويعيد قوته.
- بالنسبة لأفلاطون – كما أرسطو – يرى أن العائلة هي الوحدة الرئيسية التي عليها يقوم المجتمع. لذلك يجب أن تتمتع العائلة بالحماية. والدعم من قبل المجتمع من خلال توفير الظروف الملائمة لتطويرها وتحسين حياة أفرادها.
- بالنسبة للفلسفة السياسية فإن أفلاطون يروج لفكرة الدولة المثالية. والتي يجب أن يحكمها الفلاسفة ويسعون لتحقيق الرفاهية لأبناء المجتمعات. وأن الحاكم يجب أن يكون فيلسوفاً عادلاً حكيماً، يسعى لتحقيق مصلحة المجتمع.
- يفسر أفلاطون نشأة المجتمع أو الدولة على أنها ظاهرة طبيعية نشأت من خلال شعور الفرد بحاجة فرد آخر لإشباع حاجاته. ومن هنا كان المجتمع ضرورة لابد منها عند أفلاطون. والدولة التي بناها كانت من نصب خياله. ويتوقع منها أن توفر لسكانها السعادة. فكل ما يسير فيها هو لمصلحة الجميع.إلا أن أفلاطون حدد شروط نشوء الدولة في الموقع والمساحة وعدد السكان (عباسي وبوهالي، 2017، ص19-21).
رأي شخصي من موقف أفلاطون.
أتفق مع أفلاطون في وجود علاقة بين العائلة والمجتمع وبين السياسة. فأفلاطون يعتبر أن العائلة هي أساس تكوين المجتمع وتحقيق الدولة المثالية.
وهنا تكون أهمية الفلاسفة ودورهم في صياغة نظريات فلسفيه. تساهم في تنظيم الحكم وضبط المجتمع. وبالتالي من وجهة نظر أفلاطون فإن العائله والمجتمع والسياسة تترابط فيما بينها بروابط وثيقة لتحقيق الدولة المثالية.
ثالثاً- موقف القديس توما الأكويني من العلاقة بين العائلة والمجتمع، وبين الفلسفة السياسية.
رأي القديس توما الأكويني عن أصل المجتمع الصالح.
بالنسبة لرأي القديس توما الأكويني عن أصل المجتمع الصالح نجد أنه استخدم فلسفة أرسطو ليدعم فلسفته الواقعية. حيث جعلت فلسفته الإنسان هو مركز الكون. ولأجله سخر الله جميع الموجودات في الدنيا.
من منطلق أن الإنسان هو أرقى المخلوقات بما يتميز به من عقل وتفكير ونطق. فقال أن النفس البشرية تسعى للوصول إلى هدف أسمى وهو السعادة. والعقل هو من يوصل الإنسان إلى ما ينشده من الحياة. ويلبي متطلباته في الوصول إلى المعرفة والحرية الفكرية. ومنها تحقيق الأهداف التربوية (اليماني، 2004، ص76-77).
لينشأ فرد صالح يسعى نحو صلاح المجتمع. وبالتالي فإن اجتماع مجموعة من الأفراد الصالحين. يمكن تشكيل المجتمع الصالح.
وأوافقه الرأي في ذلك فلا ينشأ مجتمع صالح إلا بصلاح أفراده.
بالنسبة لرأيه في العائلة والمجتمع والفلسفة السياسية فإن توما الأكويني يروج لفكرة وجود ترابط بين المكونات السابقة الثلاث. فالمجتمع يحتاج للعائلة كوحدة رئيسية لتكوينه. كما يحتاج الحاكم للدولة لدعم العائلة والمجتمع. بهدف تحقيق السعادة للجميع. وهذا يؤكد نظرته نحو هذه المكونات ومدى ترابطها ببعضها.
كيف أرى فلسفة أفلاطون في المجتمع الذي أعيش فيه؟
إن فلسفة أفلاطون لا تناسب الدولة التي أعيش بها. فلا يمكن في مجتمعي تحديد عدد الأشخاص الذين ينتمون للمجتمع. فالمجتمع يتسع لجميع من يرغب بالانتماء له طالما هدفه حماية المجتمع والحفاظ على سلامته.
هل يمكن تطبيق فلسفة ارسطو على مجتمعاتنا؟
يمكن تطبيق بعض أفكار أرسطو وفلسفته على مجتمعاتنا العربية. كالحديث عن الفضيلة والأخلاق، والعدالة، بما يتناسب مع ثقافة وتقاليد هذه المجتمعات. فلا يمكن نقلها بشكل صادم. دون مراعاة الأسس والقيم الثقافية والاجتماعية السائدة في المجتمعات العربية.
برأيي ان أرسطو بنظرته الواقعية هو الأكثر تمثيلاً لمجتمعي لأن الفرد هو الوحدة الأساسية التي تسعى للحفاظ على سلامة المجتمع، وأبناء مجتمعي بتماسكهم يسعون لتحقيق الأمان لحماية المجتمع الذي يعيشون فيه.
وحسب أرسطو فإن ممثلي السلطة هم مجموعة من الأفراد المثقفين ومجموعة من الأغنياء والأحرار في الدولة. فضلاً عن السلطة التنفيذية والتي تجمع الناخبون والمنتخبون. وطريقة تعيينهم من اجل الوصول للسلطة. (محمد، 1993، ص73)؟.
مقارنة بين فلسفتنا الشخصية وفلسفة أحد الفلاسفة.
في الختام وبالمقارنة بين فلسفتي الشخصية وفلسفة أحد الفلاسفة. وهو أفلاطون يمكن القول أن أفلاطون – رغم اعتباره من الفلاسفة الكبار – لديه بعض الجوانب الفلسفية المثيرة للجدل . والتي يمكن أن نذكرها وهي تصوره للعالم الحقيقي كنسخة مثالية للعالم الحقيقي. وهذا التصور مثالي غير واقعي.
وكذلك اعتقاده أن الحكماء يجب أن يحكموا المدينة المثالية. وهذا ما يعرف بنظرية الملوك الفلاسفة. وهذا تصور غير عملي وغير قابل للتطبيق. فضلاً عن تصوره للمرأة ودورها في المجتمع ككائن ذات قيمة دنيا أقل من الرجل. هذه بعض القضايا المثيرة للجدل من وجهة نظر شخصية.
المراجع.
- الخشاب، مصطفى. (1984): علم الاجتماع ومدارسه. الأنجلو المصرية. القاهرة.
- اليماني، عبد الكريم. (2004): فلسفة التربية. دار الشروق. دمشق.
- عباسي، فاطمة الزهراء وبوهالي، إبراهيم. (2017): الدولة والمواطن عند أرسطو. رسالة ماجستير في الفلسفة الاجتماعية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة 08 ماي 1945.
- عبد الحي، عمر. (2001): الفكر السياسي في العصور القديمة. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع. لبنان.
- قرني، عزت. (2001): أفلاطون في الفضيلة. دار قباء للطباعة والنشر. القاهرة.
- محمد، علي عبد المعطي. (1993): الفكر السياسي الغربي. دار المعرفة الجامعية. القاهرة.
- محمود، ديما عيسى. (2015): الطبيعة البشرية عند فلاسفة التنوير الفرنسي وأبعادها التربوية – دراسة تحليلية مقارنة. أطروحة دكتوراه في أصول التربية. كلية التربية. جامعة دمشق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق