Translate

البحث عن الكتب

الأربعاء، 12 أبريل 2023

منظور الدول النامية والمتقدمة عن العولمة الاقتصادية


تهدف ظاهرة العولمة إلى توحيد العالم في كافة نواحي الحياة. فمع بروز هذه الظاهرة في نهاية القرن العشرين حملت الكثير من التغيرات والتحولات. التي مست العديد من الجوانب وفي مقدمتها المجالات الاقتصادية. حيث تمثلت هذه التغيرات بالانفتاح الاقتصادي وظهور الأسواق والتبادل السلعي وتحرير التجارة العالمية وحركة الاستثمار. وهذا ما ينطوي تحت مفهوم العولمة الاقتصادية.



العولمة الاقتصادية
العولمة الاقتصادية

مفهوم العولمة الاقتصادية.

تشير العولمة الاقتصادية إلى تدفق رأس المال عبر الحدود والتوسع المستمر لحدود السوق المتبادلة بين البلدان. وتشير إلى الزيادة المستمرة في الترابط الاقتصادي بين دول العالم بسبب تدفق السلع والخدمات عبر الحدود. 

الأهمية المتزايدة والمعلومات المتعلقة بالأنشطة الإنتاجية من أهم محركات العولمه الاقتصاديه. بالإضافة إلى أن التطور السريع للعلوم والتكنولوجيا في الأسواق التي تستخدم هذه الأنظمة. قد ساهم أيضاً في انتشار الاقتصاد في البلد إلى جميع أنحاء العالم. واستخدام هذه المعلومات الاقتصادية عبر الحدود للتنمية الصناعية لجميع المصانع في العالم. (الحيارى، 2018)

منظور الدول النامية عن العولمة الاقتصادية

تتميز الدول النامية بضعف السيولة وضآلة حجم السوق وتقلبات كبيرة في الأسعار. وافتقارها للإمكانات الاقتصادية والتقنية والتكنولوجية التي تؤهلها للدخول في منافسة الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسيات

فضلاً عن ذلك لم تكسب الدول النامية أي تحسن واضح من موضوع التحرر المالي والاقتصادي والتجاري. فقد ذهبت غالبية الاستثمارات الأجنبية للدول المتقدمة. وكان للعولمة الاقتصاديه وخاصة الجانب المالي منها. العديد من الآثار السلبية على النشاطات الاقتصادية للدول النامية. 

مثل تعاظم انسياب رؤوس الأموال. وتعرض البنوك للأزمات. وهروب رؤوس الأموال للخارج. وغسيل الأموال. كل هذه الأموال تولدت من مصادر غير شرعية. مما تسبب مشكلة أزمات مالية. بالإضافة لمشكلة السيادة الوطنية في المجالات الاقتصادية والمالية النقدية والسياسية. (خليل، 2019).

كل ذلك سبب زيادة معدلات الفقر عالمياً بسبب التطورات الناجمة عن ظاهرة العولمة الاقتصادية. والتحرر المالي والتجاري والاقتصادي. فأصبح الفقر سمة عالمية. وقد تحولت المجتمعات في الدول النامية مهددة بالتخلف والفقر. وتم تحويلها لمستهلك لمنتجات العولمة. ولم يكن لها أي دور في تطويرها وتأسيسها. (الطحان وآخرون، 2011، ص96).

منظور الدول المتقدمة عن العولمة الاقتصادية.

يشير الباحث الاقتصادي لخضر طوير (2019، ص249). إلى أهم خصائص العولمة الاقتصادية. فيقول إن الدول النامية هي المصدر الرئيسي للمواد الخام التي تقوم عليها جميع صناعات الدول المتقدمة. لتعود للدول النامية تلك المنتجات ليتم استهلاكها. 

حيث تصبح هذه الدول سوقاً لاستهلاك تلك المنتجات عبر مجموعة سلاسل إمداد تصل بين الطرفين. وهي أن يصبح السوق الدولي مترابطاً مؤثراً ببعضه. 

فيؤثر السوق الدولي عندئذ في كل من  العمالة والقطاع الإنتاجي. القرارات الاستراتيجية. التبادل التجاري. كذلك العلاقات السياسية بين مختلف الدول.

من حيث العمالة والقطاع الإنتاجي.

حسب قول "طوير" أن الموارد البشرية هي الأساس الذي يقوم عليه الاقتصاد الوطني. والذي يساهم في جذب رؤوس الأموال من الدول الأخرى. كما في الصين. حيث أغلب الموظفين في الشركات الأجنبية في جمهورية الصين الشعبية هم الصينيون أنفسهم. وهذا يعني ان الشركات الضخمة ذات رؤوس الأموال الضخمة. تعتمد في إنتاجها على العمالة القوية ذات الأجر الزهيد.

فقد كانت العمالة الزهيدة سبب من أسباب أزمة الفقر العالمي. فهذه العمالة الزهيدة الأجور في الدولة الكثيفة السكان. كالصين. دفعت السكان متعددة الجنسيات الأوروبية والأمريكية لتوجيه وتحويل استثماراتها إلى تلك الدول. مما سبب بتفاقم مشكلة البطالة. نتيجة تراجع مستوى الاستثمارات في معظم الدول الأخرى.

أما فيما يخص القرارات الاستراتيجية. 

فإن مظاهر العولمة تتوضح من خلال القرارات التي تربط السوق التجاري ببعضها البعض. حيث تقوم شركات الدول المتقدمة بالسيطرة على شركات الدول النامية. ومن خلال هذا السوق تم ربط المنطقتين ببعضهما البعض. فينتج لدينا شركة عابرة للقارات مكونة من جنسيات متعددة. 

إن عمليات الإنتاج لتلك الشركات أخذت بعداً جديداً. حيث أدى لتعاظم نسبة الإنتاج الخارجي إلى الداخلي. وبالتالي تعاظم دور تلك الشركات في الخارج. وقد اتسع نشاطها ليصبح محور اقتصاد العولمة. ويمكن ان نطرح مثال على ذلك هو استحواذ وسيطرة شركة" أوبر" على شركة " كريم" وسيطرة شركة "أمازون" على مجموعة "سوق كوم".

أما فيما يخص التبادل التجاري.

 فقد حرصت عدة دول على استثمار الجانب المادي والبشري لتحقيق انطلاقة وقفزات اقتصادية مميزة ومتقدمة. ويمكن أن نطرح مثال هو إطلاق مبادرة الحزام والطريق والتي تهدف لربط قارات العالم القديم والجديد. من خلال الاستحواذ على الممرات التجارية. عن طريق عقد اتفاقيات مع تلك الدول بقصد تطوير موانئ تلك الممرات.

كما أن العولمة الاقتصادية وما رافقها من مؤسسات كمنظمات التجارة الدولية واتفاقية الجات التي أتاحت الحرية التجارية وحرية حركة رأس المال. بالإضافة إلى مجموعة البنك الدولي. حققت للدول المتقدمة تقدماً أكثر في الإنتاج والاقتصاد والصناعة. في حين أن الدول النامية بقيت تواجه معوقات تمنعها من الوصول إلى أسواق الاقتصاد العالمي والاندماج في التجارة متعددة الأطراف. 

ومن هذه المعوقات نذكر البنية التحتية المحدودة والتنظيم غير الملائم للاستثمارات. وسيطرة الشركات متعددة الجنسيات على التجارة الدولية. إضافة إلى صعوبة المنافسة بين الصناعات الوطنية والمنتجات المستوردة التي تعد ذات تكلفة أقل وجودة أفضل. وغيرها من الاتفاقيات التي تفرض قيوداً على صادرات الدول النامية.

أما فيما يخص العلاقات السياسية.

فإنها تلعب دوراً في الإنتاج وسلاسل الإمداد. وخاصة بوجود اتحادات مثل الاتحاد الأوروبي الذي يوحده عملة واحدة. وسوق أوروبية مشتركة تربط بينهم وبين دول العالم.

كما في بنك التنمية الإسلامي الذي يتبع لمنظمة التعاون الإسلامي التي تحوي 57 بلد. هذا البنك الذي يعتبر ثاني أكبر كيان بعد منظمة الأمم المتحدة. وهذا يمثل وجه مصغر للعولمة في الدول الإسلامية.

يمكن القول إن الدول المتقدمة بما تملكه من أدوات التكنولوجيا. ومع سيطرتها على حركة رؤوس الأموال والتجارة الخارجية وفرضها للعقوبات. تجبر الدول النامية على الاندماج في سوق الاقتصاد العالمي من خلال فرض سياسات. وهي بدورها لا تطبقها في اقتصادياتها. 

مثل ملكية الأجانب وتقديم تسهيلات للاستثمارات الأجنبية. فالشركات متعددة الجنسيات تعمل على تعظيم أرباحها دون الأخذ بالاعتبار ما قد ينجم في العالم من بطالة وفقر.

وبكل الأحوال إن بقاء العولمة وتأثيراتها بكل العالم هو بسبب تقاطع المصالح المشتركة بين الدول.

هل هناك تشابه بين منظور العولمة الاقتصادية بالنسبة للطرفين؟

وبالنسبة لمنظور كل من الدول النامية والمتقدمة للعولمة الاقتصادية. فأعتقد أنه لا يوجد توافق بين الرؤيتين. فالدول المتقدمة تجد في العولمة الاقتصادية وسيلة لزيادة أرباحها وتعميق سيطرتها من خلال نقل استثماراتها إلى الدول النامية والاستفادة من الثروات الطبيعية والمواد الخام والموارد البشرية الموجودة فيها وتسخيرها لإنتاج صناعات ثم تصريفها في أسواق هذه الدول. 

أما الدول النامية فلم تستطع تحقيق أي تقدم ولم تحقق أية فوائد من التحرر الاقتصادي والتجاري ويعزى ذلك لكون النسب الكبيرة من الاستثمارات الأجنبية تعود للدول المتقدمة. إضافة لاستغلال المواد الخام والأيدي العاملة فيها مما يمنعها من تحقيق صناعات محلية رئيسية خاصة بها.

مما سبق نجد أن منظور الدول النامية والمتقدمة للعولمة الاقتصادية هما منظورين مختلفين. فظاهرة العولمة رغم إيجابياتها سببت الفقر للدول النامية بينما سببت الغنى للدول المتقدمة. 

كما أن هذه الظاهرة أثبتت أن الدول النامية تعاني من وضع غير متكافئ أو عادل مع الدول المتقدمة. فتفرد الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً وفرض سيطرتها بالقوة جعل بعض الدول تطلق اسم الأمركة على ظاهرة العولمة.

المراجع.

  1. الحياري،إيمان.( 2018،أغسطس 13).مفهوم العولمة الاقتصادية. موضوع. تم الاسترداد من الرابط .https://2u.pw/0I0qF.
  2. خليل، شذى (2019). العولمة وعصر الفقر العالمي في الدول المتقدمة والنامية. مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية. متاح على الرابط .https://rawabetcenter.com/archives/86677.
  3. الطحان، فراس عبد الجليل وعبد العزيز، أحمد وزكريا، جاسم (2011). العولمة الاقتصادية وتأثيراتها على الدول العربية. مجلة الإدارة والاقتصاد. العدد 86. ص69.
  4. طوير، لخضر (2019). العولمة الاقتصادية – دوافعها وأبعادها. منصة المنهل. .pdf. تم الاسترداد من الرابط .https://my.uopeople.edu/pluginfile.php/1636625/mod_book/chapter/382096.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *