تمثل العولمة إحدى الظواهر التي تتنوع في أشكالها. ويستخدم مصطلحها في النشاطات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها. لذلك اهتم بها الكثير في دراستها وتحليلها.
تأثير العولمة على منظمات إدارة الأعمال وقد تعددت الآراء والمواقف حولها، فقد كان تشخيصها ليس سهلاً. بسبب غموضها، من حيث المفهوم، ومن حيث تجسيدها على أرض الواقع. (الرميحي،1999، ص18). |
مفهوم إدارة الأعمال.
إدارة الأعمال هي عملية تنظيم للأعمال الاقتصادية من إنتاج وتمويل وابتكار وتسويق. بالإضافة للتخطيط والتنظيم والتحكم بمنابع ومصادر الأعمال. ومن ثم توجيهها نحو تحقيق أهداف المؤسسة أو المنظمة.
مفهوم العولمة.
العولمة هي جعل الشيء عالمياً أو دولياً ينتشر مداه على دول عديدة، بمعنى آخر هي ما تقوم عن طريقها المؤسسات بالأعمال التجارية. والتي من خلالها تكون العولمة عبارة عن عملية اقتصادية بشكل رئيسي. ثم تنتقل لتكون سياسية وبالتالي يتبعها الجوانب الثقافية والاجتماعية.
فالتكنولوجيا فتحت منفذاً للتواصل بين أصقاع الأرض. متجاوزة الحدود الثقافية واللغوية. معلنة أن العالم هو قرية كونية صغيرة، تتناقل به الأخبار بصورة أسهل وأسرع. لذلك فالعولمة أصبحت ظاهرة حتمية لا تقدر الدول وسلطاتها على الوقوف بوجهه. (أمزيل، 2021).
إن العولمه تشكل تحديا للسياسات والتنمية الاجتماعية في المنطقة العربية. حيث تمر البلدان العربية بمرحلة تغيير جذرية للبنى التحتية القائمة وتوازناتها الاجتماعية. فالاستقطاب الاجتماعي مع تفاقم التمييز وعدم المساواة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية بدأ يؤثر على نسيج البلدان والمجتمعات العربية.
مما أدى الى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي. وعلى التوازي مع هذا الوضع فأن انتشار الرهاب والعنف في المنطقة العربية. ترتب عليه تفاقم الاشكالات الاجتماعية في هذه المنطقة. وفي ظل هذه الأزمات المتفاقمة. فإن السياسات ما زالت ينقصها التماسك، لذلك هنالك ضرورة ملحة لوضع سياسات متكاملة وملائمة.
تعمل العولمه على تكامل اقتصاديات العالم بشكل متزايد. فقد أدى التطور التكنولوجي من خلال استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت بشكل كبير. إلى تقريب العالم من خلال ظهور وسائل إعلام رسمية وعالمية تربط العالم ببعضه البعض، إذ أصبح الفرد على دراية بأخبار جميع مناطق العالم.
كما سمحت العولمة الانفتاح على الشؤون الحكومية. فلم تستطع الحكومة الاستمرار في السيطرة على محتويات الأخبار. حيث ظهرت وسائل إعلام دولية واجتماعية. وأصبحت القضايا التي تنشرها وسائل الإعلام تجعل جميع الأفراد على علم بخبايا تلك القضايا. وتظهر هذه المشكلات عند وصول الإدارة العامة لحلول لمشاكل معقدة نتيجة اتساعها وترابطها مع دول العالم.( موسوعة نت، 2021).
مفاهيم متنوعة للعولمة.
بشكل عام انتشرت مفاهيم متنوعة للعولمة: (السلمي، 2014، ص30-33)
العولمة ظاهرة اقتصادية.
فقد ركز الكثيرون على الجانب الاقتصادي للعولمة ويعبرون عنها بالصورة الأصح والأوضح للنظام الاقتصادي العالمي. من خلال عمليات تحرير التجارة الدولية. حركة الاندماجات الكبرى بين الشركات العملاقة. انطلاق الشركات العالمية. تدفق رؤوس الاموال والاستثمارات حول العالم. حرية التعامل في القطاعات المالية.
كذلك تبدو العولمة من خلال الأرباح الهائلة التي تجنيها الشركات العولمية. واتساع شدة المنافسة بين التكتلات الدولة.
اقرأ أيضاً العولمة - التعامل مع الأوبئة والأمراض المعدية في زمن العولمة.
اقرأ أيضاً ما هي الهياكل التنظيمية للمنظمات Organizational Structure.
العولمة ظاهرة سياسية وشكل جديد للاستعمار.
ربط الكثيرون بين الاستعمار الأمريكي للعالم المعاصر والعولمة. فقد مثلوها بوجهين لعملة واحدة. وتظهر هذه الصورة بمحاولات صبغ الدول المختلفة في بلدان العالم الثالث بصبغة الديمقراطية الغربية. فظلاً عن فرض أمريكا لنظامها السياسي وأفكارها على مختلف دول العالم.
ويرى أصحاب هذه الصورة أن العولمة ظاهرة سياسية مخابراتية أمريكية بدأت مع حرب الخليج الثانية كما ان ضرب العراق هو نتيجة للعولمه.
العولمة ظاهرة ثقافية لنشر ثقافة أمريكا.
فالعولمة هنا هي الهامبرغر والكوكا كولا وأفلام السينما الأمريكية. تركز هذه الصورة على الدور السلبي للعولمة في مسخ الهوية الوطنية بمختلف الدول وفتح المجال للغزو الثقافي الأمريكي ليطغى على ثقافاتنا العربية.
وتسود ظاهرة انتشار نمط الاستهلاك الأمريكي بين المجتمعات المختلفة في العالم. كما تسود ثقافة العنف والجريمة والجنس والإلحاد وغيرها مما تروج له الثقافة الأمريكية بحجة التحرر والتنوير.
العولمة ظاهرة حضارية.
يرى البعض الآخر ذو النظرة الإيجابية أن العولمة ظاهرة حضارية تحقق الانفتاح بين المجتمعات والشعوب. لتساهم برفع معدلات التقدم للدول الأقل تطوراً بمساعدة الدول المتطورة اقتصادياً.
وبالتالي فالعولمة تمثل صيغة جديدة للتعاون الدولي فيتحقق من خلالها التقريب بين أنماط الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فيقل الفارق بين مستويات شرائح المجتمع الواحد. مما يساهم في محاربة التخلف والفقر بين دول العالم المتأخرة في التطور.
العولمة هي تطور تاريخي.
يمكن اعتبار العولمة هي حقبة تاريخية طبيعية تندرج بعد حقبة الرأسمالية. تأتي بعد اكتمال مراحل التنمية الاقتصادية العالمية السابقة. حيث في بدأت من مرحلة الرعي.
لتأتي بعده الزراعة. ثم الصناعة. فالتجارة والآن مرحلة العولمة المتناسبة مع ثورة المعلومات والاتصالات. وهذا يعني ان العولمة هي المحطة النهائية للتاريخ كما يتصور " فوكوياما".
العولمة ظاهرة تقنية.
ربط البعض بين العولمه والثورة التقنية باعتبارهما وجهان لعملة واحدة. فالعولمة هي شبكة الانترنت والهاتف الجوال. والبريد الالكتروني. والحاسب الآلي والقنوات الفضائية والأقمار الاصطناعية والإنسان الآلي. وغيرها الكثير من منتجات الثورة التقنية الرقمية والتي تعتبر رموز وأدوات للعولمة.
اقرأ أيضاً العولمة الثقافية - تأثير العولمة الثقافية على الفرد والمجتمع.
اقرأ أيضاً منظور الدول النامية والمتقدمة عن العولمة الاقتصادية.
كيفية تأثير العولمة على منظمات إدارة الأعمال في بلدك؟
الآثار الإيجابية للعولمة.
للعولمة تأثير كبير على المؤسسات والمنظمات في بلدي. بكافة مفاهيمها وتقنياتها ومكوناتها الإدارية وهيكلية الموارد البشرية وتطوير نوعيات بشرية جديدة تتميز بالمعرفة والخبرة والمهارات الفكرية والتكنولوجية. من أجل تطوير إدارة الشركات. فامتد تأثير العولمة على أطر عديدة نذكر منها: ( Mohamed ، 2016)
- التنويع في القوى العاملة والاهتمام بالصحة المهنية والسلامة لكافة العاملين في المؤسسة.
- انتشار فرص العمل من المنزل. فكل فرد يملك في يديه هاتفاً جوالاً يحوي مختلف البرامج التي تصله بكافة البلدان ويتعلم منه كافة المهارات. وبالتالي يمكن للشخص أن يغير وظيفته حسب ما يتوفر له فرص للعمل.
- الاستفادة من التجارب الناجحة للمنظمات الرائدة في تبني سياسات وبرامج متطورة وموارد بشرية متنوعة ومتجددة غير تقليدية.
- الاستفادة من التكنولوجية الرقمية في إدارة الموارد البشرية من خلال تحويل الأنشطة الروتينية إلى نشاطات ومهارات تقنية تعمل بواسطة الحاسوب.
- تنمية مهارات الموارد البشرية في صلب استراتيجيات المؤسسة والمنظمة التي يعملون لها باعتبارهم المنبع الوحيد للمنافسة والنجاح والإبداع.
- تقوم العولمة بتطوير المؤسسات والشركات وتسمح بالتنسيق بين العملاء من خلال الاشتراك المتزايد في القيم الثقافية.
- إن العولمة الاقتصادية تحفز الدول على إعادة هيكلة اقتصاداتها لمواجهة التحديات مما يؤدي لرفع كفاءات التوظيف في المنظمات وزيادة فرص العمل فيها. وتعميق الاستفادة من التطورات التقنية الحديثة. لفتح فرص أكبر من اجل الاستثمار. ورفع معدلات النمو الاقتصادي واجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في مختلف المجالات. مما يؤدي إلى تنوع المنتجات وتحسين جودتها وخفض أسعارها. مما يحسن من مشاركة مختلف المؤسسات ومنظمات الأعمال الخاصة. ومساعدة الاقتصاد الوطني للحد من ظاهرة إغراق السوق و السعي لتحسين القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية (بولناس، 2008، ص 197). وتحديث الأنظمة والتشريعات السائدة بهدف القضاء على الروتين والبيروقراطية. ( الطحان وآخرون، 2011، ص 75).
الآثار السلبية للعولمة.
على الرغم من الآثار الإيجابية للعولمة على إدارة الأعمال إلا أن آثارها السلبية لايمكن تجاهلها. نذكر منها: ( Mohamed ، 2016).
- ظهور الكثير من العمالة بأنماط جديدة. كالعاملين عن بعد. أو العاملين المؤقتين.
- ظهور شركات أجنبية بعمالة تنافس العمالة المحلية والمؤهلة.
- زيادة حدة التنافس والمقاومة بين العاملين أثناء استخدام الآلات التكنولوجية في إنجاز أعمالهم. بسبب قلقهم على امتيازاتهم الوظيفية. والخوف من خسارة مراكزهم الوظيفية.
- إعادة الهيكلة التنظيمية في المؤسسات ودمج الوظائف. بسبب تغير المتطلبات ذات المهارات. وبالتالي تغير الأدوار الوظيفية للعاملين.
- تغير الأوضاع المحلية والظروف التي كانت تسود في المنظمات وتعمل فيها المؤسسات والتي كانت تعمل وفق إعداد خطط وتوجهات ملائمة للتعامل معها.
- تغير قواعد اللعبة التنافسية واختلاف المعايير والأسس والقوانين التي تحدد طرق وأسس التعامل مع الموزعين والموردين في مختلف أطراف الأسواق.
- تغير توقعات الزبائن والعملاء واختلاف الأسس والمعايير التي يستخدمونها ليتمكنوا من الحكم على كفاءة ما تقدمه تلك المنظمات من خدمات وسلع ومنتجات.
في الختام 👈إن استغلال اقتصاد سورية في زمن الحرب وعزلها عن الدول المجاورة. وقطع طرق التجارة والاستيراد والتصدير خلق جواً انعزالياً وتدميرياً للاقتصاد ولمؤسساتها. فخلق ظروف عمل غير متناسبة وغير عادلة.
بينما بدأت ظروف العولمة بتوزيع السلع والمنتجات الغذائية غير الصحية للشعب السوري واللاجئين السوريين وهذه المنتجات تهدد صحة المستهلكين لها. وبالتالي العولمة لم تأت بالمجان.
لذلك على المنظمات والمؤسسات والشركات أن تراقب النتائج التي تحصدها بعناية. لما للعولمة من تأثير على إدارة الأعمال وكافة القطاعات الاقتصادية. ومختلف المجالات الحياتية. حيث تعتبر العولمة أبرز عوامل التقدم والتطور الذي يمر به العصر الحالي.
المراجع.
- الرميحي، محمد (1999). العولمة وفخاخها – حتى لا تتحول الرأسمالية إلى حيوان شره. المستقبل العربي. العدد (241). الكويت.
- السلمي، علي (2014). الإدارة في عصر العولمة والمعرفة. ط1. سما للنشر والتوزيع. القاهرة.
- الطحان، فراس عبد الجليل وزكريا، جاسم وعبد العزيز، أحمد (2011). العولمة الاقتصادية وتأثيراتها على الدول العربية. مجلة الإدارة والاقتصاد. العدد 86. العراق.
- أمزيل، محمد (2021). ما بين العولمة والاستعمار... كيف يسيطر تحالف التكنولوجيا والإنتاج على العالم؟. موقع عربي بوست. متاح على الرابط https://arabicpost.net/opinions/2021/01/07.
- بولناس، عبد الله (2008). عولمة الاقتصاد الفرص والتحديات. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية. المجلد 24. العدد1.
- موسوعة نت (2021). إدارة الأعمال في ظل العولمة. متاح على الرابط https://2u.pw/KBWlGB
- Mohamed، dammak (2016). ما مدى تأثير العولمة على العمل الإداري؟. موقع بيت. متاح على الرابط https://2u.pw/LXqUO.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق