Translate

البحث عن الكتب

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2023

هل الإنسان مخير أم مسير؟! وهل نمتلك إرادة حرة أم لا ؟!


هل الإنسان مسير أم مخير في حياته؟


يتردد في أذهاننا جميعاً سؤالٌ مفادُه: هل الإنسان مُسَيَّر أو مخيَّر؟

البعض يجيب بأن الإنسان مُسَيَّر لا مخير، بينما البعض الآخر يجيب بأنه مخيَّر لا مُسَيَّر. مع العلم انه من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لأنه إذا كانت الإجابة أن الإنسان مُسَيَّر لا مخيَّر، فكيف يمكن محاسبته يوم القيامة وهو مُسَيَّر ومجبر على كل أمر يقوم به، وكيف يكون هذا الإنسان مُسَيَّر ونحن نراه له القدرة على الاختيار والمشيئة على فعل ما يريد.

هل الإنسان مخير أم مسير؟! وهل نمتلك إرادة حرة أم لا ؟!


وإذا أجبنا بأنه مخيَّر لا مُسَيَّر، فسوف نكون أمام سؤال يجب أن نجيب عليه وهو كيف هو مخيَّر ونحن نراه قد جاء للحياة دون أخذ رأيه، ويمرض دون أن يرغب بالمرض، وينام ويستيقظ دون إرادة منه، وإذا قيل إنه مخيَّر بأفعاله التي تقع بإرادته، قيل قد يريد امراً وينوي على فعله وهو قادر على ذلك، إلا أنه قد يطرأ أي طارئ يمنعه من فعل ها العمل، وغيرها من الأمور الخارجة عن إرادته.

وبالتالي يظهر الخطأ في الإجابة عن هذا السؤال بأن الانسان مخيَّر أو مُسَيَّر، حيث ان الإنسان لو كان مخيَّراً بإطلاق بفعل كل ما يشاء ويريد من أفعال، ولو كان مُسَيَّراً بإطلاق لما كان له القدرة والمشيئة أن يفعل كل ما يريد. (صلاح، 2020)

فمن وُصِف بصفة التسيير بإطلاق يعني أنه ألصق بنفسه مذهب الجبرية والذي يقول: " أن العبد مجبور على فعله، وأنكروا أن يكون له قدرة ومشيئة على الفعل ".

ومن وُصِف بصفة التخيير بإطلاق يعني انه ألصق بنفسه مذهب القدرية أي نفاة القدر والذي يقول: " بأن الأمر أنف، وأن العبد هو الخالق لفعله، وأنه مستقل بالإرادة والفعل". (عبد الغفور أسرار، 2018، ص203)

والجواب الحق بين الإجابتين أو الرأيين والهدى بين الضلالتين، بيمكن القول إن الإنسان مخيَّر من جهة أن له مشيئة وحرية وإرادة ليفعل ما يريد، لقوله تعالى: " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " (سورة الكهف: 29)

ومُسَيَّر من جهة أخرى في أن جميع أفعاله هي ضمن القدر، وتعود إليه، لكونه غير قادر عن الخروج عما قدره الله تعالى له، فلا يخرج في تخييره للأمور عن قدرة الله، لقوله تعالى: " هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ" (سورة يونس: 22).

من خلال بعض الدراسات والأبحاث حول سؤال هل نمتلك إرادة حرة أم لا؟ يرى عالم الأعصاب " سام هاريس " إننا بمثابة دمى كيميائية حيوية "، حيث يوضح إننا إذا ما تمكنا من الكشف عن الاختيارات الواعية للأشخاص عن طريق جهاز مسح دماغي قبل زمن قصير – ثوانٍ – من وعيهم ومعرفتهم بهذه الاختيارات. فإن هذا الأمر يمثل تحدياً مباشراً بسبب أنهم أناساً واعيين لما يدور بداخلهم. (الحلاق، 2021)


لماذا الشر موجود من وجهة نظرك؟

مفهوم الشر.


يمكن تعريف الشر بأنه " كل ما كان موضوعاً للذم والاستهجان، فترفضه الإرادة الحرة وتسعى من أجل التخلص منه، وهو ثلاثة أنواع: الأول طبيعي كالألم والمرض، والثاني سلوكي أخلاقي كالكذب، والثالث ميتافيزيقي وهو نقصان كل شيء عن كماله" (الرازي، 1979).

وبمعنى آخر هو كل أمر يختلف عن الصواب فعلاً وقولاً ويناقض الخير والمعروف قولاً وفعلاً، هدفه الإفساد في الظاهر والباطن، وهو السلبية في الأخلاق والتفكير والسلوك، فهو الظلمة المطلقة، وباختصار هو " نقيض الخير". (القهوجي، 2017، ص21)

سبب وجود الشر من وجهة نظر شخصية.


يمكن القول بأن وجود الشر هو جزء من التوازن الطبيعي في الحياة، حيث يوجد الخير والشر على حد سواء وهذا التواجد تقتضيه ثنائية الكون، فالله خلق الشر ليعرف الخير على حقيقته (القهوجي، 2017، ص29).

هذا السؤال يعد من أكثر الأسئلة صعوبة وتعقيدًا في الفلسفة واللاهوت والعلوم الاجتماعية والنفسية. فقد يكون الشر نتيجة لاختيارات البشر وأفعالهم، وقد يكون أيضاً نتيجة للظروف والمواقف التي تحدث في العالم. يمكن للإنسان أن يتغلب على الشر من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة والسليمة والقيام بالأفعال الصالحة.

وعلى الرغم من ذلك، يمكن الإجابة على هذا السؤال بمجموعة من الأفكار والنظريات المختلفة:

  1. من الممكن النظر إلى الشر على أنه مجرد نتيجة طبيعية لوجود الحرية في العالم، حيث إن وجود الحرية يعني أن الإنسان يمكنه اتخاذ القرارات الخاطئة والتصرف بطريقة غير أخلاقية، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى وجود الشر.
  2. يرون البعض أن الشر موجود بسبب وجود الشيطان أو قوى الشر، وهذا الرأي شائع في الديانات الأبراهامية.
  3. يمكن النظر إلى الشر على أنه نتيجة للجوانب السلبية للإنسان، مثل الطمع والغرور والكبرياء والغضب والحسد والخيانة والعنف، وهذه الجوانب تشكل جزءًا من الطبيعة البشرية.
  4. بعض النظريات تقول إن الشر موجود بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا يعني أن الظروف السيئة والفقر والظلم والاستغلال يمكن أن تؤدي إلى وجود الشر.
  5. يرون البعض أن الشر موجود بسبب عدم وجود الله أو عدم وجود معنى في الحياة، وهذا الرأي شائع في بعض الفلسفات الشرقية والغربية.

بشكل عام، يمكن القول إن الشر موجود في العالم بسبب عدة أسباب مختلفة، وأن الحلول الممكنة لمواجهته تختلف باختلاف نظرية الفرد ونظرته للحياة والعالم.


ولماذا يسمح بوجود الشر عند من يعتقدون بوجود إله واحد أو من يعتقدون بتعدد الآلهة؟


هذا سؤال فلسفي يثير الكثير من الجدل والتساؤلات. قد يرتبط جوابه بمفهوم الحرية الإرادية التي يتمتع بها الإنسان. فقد يكون من الممكن أن يسمح الإله الواحد أو الآلهة بوجود الشر لأنه يعتبر جزءاً من حرية الإنسان في اختياراته وأفعاله.

كما أن بعض المعتقدات تشير إلى أن الشر يعتبر امتحاناً واختباراً للإنسان ليثبت صدق إيمانه ويسعى للتقرب من الله أو الآلهة. ومن الممكن أيضاً أن يكون الشر نتيجة للتوازن الطبيعي في الكون، حيث يوجد دائماً توازن بين القوى المعاكسة.

وهذا السؤال يعود إلى الاعتقادات الدينية والفلسفية المختلفة، ولا يوجد إجابة واحدة تنطبق على جميع الثقافات والمعتقدات.

ومن وجهة نظر بعض الديانات، يؤمنون بأن الله أو الآلهة يسمحون بوجود الشر كجزء من خلقهم، وذلك لأن الحرية الإرادية للإنسان تتطلب الاختيار بين الخير والشر، ولتكون هذه الحرية حقيقية فإن الإنسان يجب أن يتحمل مسؤولية تصرفاته، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

ومن جانبهم، يؤمن البعض الآخر بأن وجود الشر يأتي من الشيطان أو قوى الشر، وأن الله أو الآلهة يحاربون هذه القوى السلبية، ويسمحون بوجودها لاختبار الإيمان والتحدي في مواجهتها.

أما من وجهة نظر الفلسفة، فقد يؤمن بعض الفلاسفة بأن الشر مجرد جزء من الواقع والطبيعة الإنسانية، وأن وجوده ينبع من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشها الإنسان، ولذلك فإنه ليس بالضرورة أن يكون هناك سبب خارق أو إلهي لوجود الشر.

وفيمن يعتقدون بتعدد الآلهة فنظرتهم بالسماح بوجود الشر تختلف بين الديانات ويعتمد على المفاهيم الخاصة بكل ديانة وتعاليمها، فبعضهم يؤمن بوجود الشر كجزء ضروري من التوازن والتناغم الكوني بين الخير والشر وفي هذه الحالة لا يجب القضاء عليه بشكل نهائي، ومنهم من يرى أن الشر والخير من التجربة الإنسانية ومما يسمح لتعلم الدروس.


بشكل عام، يمكن القول إنه يوجد رؤى مختلفة بشأن سبب وجود الشر في العالم، وهذا يتوقف على المعتقدات والفلسفات والثقافات المختلفة.

وعدم الاتفاق حول هذه المسألة يعود إلى صعوبة إيجاد دليل قاطع يثبت أحد الرأيين بأنه مُسير أو مُخير فالإنسان يمتلك قدراً معين من الحرية في اتخاذ القرارات والتصرفات، ولكن يتأثر أيضاً بالعديد من العوامل الخارجية مثل الثقافة والتربية والظروف النفسية والجينية والاجتماعية، وأن وجود الشر يُمثل تحدياً للإنسانية بحد ذاتها، فإذا دخل الشر قلب الإنسان خرج من إنسانيته.


في الختام، قد لا يكون هناك جواب نهائي على هذا السؤال، حيث يختلف التفسير تبعاً للمعتقدات والثقافات المختلفة.

المراجع.

  1. الرازي، (1979). معجم مقاييس اللغة. 5/236.
  2. الحلاق، أحمد (2021). هل نمتلك إرادة حرة؟. المدونة العلمية. متاح على الرابط http://science.22web.org/?p=2966&i=2.
  3. القهوجي، بشار محمد رضا (2017). فلسفة وجود الشر بين واحة الإيمان ومعضلة الإلحاد. مؤتمر الدراسات الإسلامية المعاصرة والقضايا المستجدة-ماليزيا. كلية الامارات للتطوير التربوي. الامارات العربية المتحدة.
  4. صلاح، خلود (2020). هل الإنسان مخيَّر أم مُسَيَّر. مرسال. متاح على الرابط https://www.almrsal.com/post/981600.
  5. عبد الغفور أسرار، عبد المنعم (2018). تعداد الفرق وتعيينها. مجلة الجامعة العراقية. العدد41/3.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *